يُعد تأخر النطق واضطرابات التخاطب من القضايا التي تثير قلق الأهالي حيث تؤثر بشكل مباشر على نمو الطفل وتطوره الاجتماعي والأكاديمي وبينما يعتقد البعض أن تأخر النطق مرتبط بمشكلات عقلية أو نفسية إلا أن هناك العديد من العوامل الأخرى التي قد تؤدي إليه مثل العوامل البيئية الوراثية أو حتى التعرض المفرط للشاشات.
الأمانة محمد الأمين أخصائية التخاطب كرست حياتها المهنية لمساعدة الأطفال الذين يعانون من مشكلات في النطق والتواصل وساهمت في توعية الأهالي حول أهمية التشخيص المبكر والتدخل العلاجي المناسب في هذا اللقاء تتحدث عن رحلتها في مجال التخاطب وتسرد لنا خبرتها حول أسباب تأخر النطق أساليب التشخيص وطرق العلاج الفعالة.
بداية الشغف بعالم التخاطب :
تتحدث الأمانة محمد الأمين عن بداياتها قائلة :“منذ صغري، كنت مهتمة بطريقة تواصل الأطفال مع محيطهم وكنت ألاحظ الفروق في تطور اللغة لديهم مع مرور الوقت أدركت أن هناك أطفالًا يعانون من صعوبات حقيقية في التعبير عن أنفسهم وهذا ما دفعني لدراسة تخصص التخاطب والتعمق في فهم اضطرابات اللغة والتواصل".
فهم اضطرابات التخاطب وتأخر النطق :
حول الفرق بين تأخر النطق واضطرابات التخاطب توضح الأمانة قائلة :“تأخر النطق هو أحد اضطرابات اللغة والتواصل لكنه ليس المشكلة الوحيدة هناك ثلاث مشكلات رئيسية تشكل ما يُعرف بـ(الهرم التخاطبي): مشاكل النطق مشاكل اللغة، وأمراض الصوت كل واحدة منها تؤثر على قدرة الطفل على التواصل بشكل مختلف وقد تتداخل في بعض الحالات.”
أما عن العلامات المبكرة التي قد تشير إلى وجود مشكلة في التخاطب فتوضح:“هناك عدة مؤشرات يجب أن ينتبه لها الأهل مثل غياب الصرخة الأولى بعد الولادة عدم التواصل البصري تأخر المناغاة أو عدم قدرة الطفل على فهم الأوامر البسيطة مثل (هات) أو (خذ) كما أن عدم قدرة الطفل على الإشارة للتعبير عن احتياجاته قد يكون مؤشرًا مهمًا على وجود مشكلة في التخاطب.”
العوامل المؤثرة في تأخر النطق :
عندما سألناها عمّا إذا كان تأخر النطق يعني بالضرورة وجود مشكلة عقلية أو نفسية أجابت الأمانة: “لا، ليس بالضرورة هناك العديد من العوامل التي قد تؤدي إلى تأخر النطق منها العوامل البيئية الوراثية أو حتى التعرض المفرط للشاشات لا يمكن الجزم بوجود مشكلة عقلية أو نفسية إلا بعد تقييم شامل من قبل المختص.”
وتضيف :“الأسباب تختلف من طفل لآخر ولكن أبرزها قلة التفاعل مع الطفل أو الاعتماد الزائد على الأجهزة الإلكترونية التوتر الأسري أو الصراخ المستمر في المنزل اضطرابات النمو العصبي مثل التوحد وفرط الحركة بالإضافة إلى المشكلات العضوية مثل ضعف السمع أو مشكلات في أعضاء النطق.”
التشخيص وطرق العلاج :
أما عن كيفية تشخيص تأخر النطق فتوضح الأمانة :“التشخيص لا يتم بشكل عشوائي بل يعتمد على عدة فحوصات مثل تقييم أعضاء النطق فحص السمع واختبار اللغة لتحديد مستوى التطور اللغوي للطفل كل هذه الفحوصات تساعد في وضع خطة علاجية مناسبة لحالة الطفل.”
وعند الحديث عن الفرق بين جلسات التخاطب في العيادة والتدريبات المنزلية تقول :“إذا كان التأخر بسيطًا فقد تكفي التدريبات المنزلية التي يقدمها الأهل ولكن في الحالات الأكثر تعقيدًا يجب الدمج بين جلسات العيادة والتدريبات المنزلية لضمان أفضل تحسن ممكن.”
رحلة العلاج والتحسن :
“يختلف الأمر من حالة لأخرى ولكن في المتوسط تبدأ الخطة العلاجية بحوالي 20 جلسة وبعدها نقيم مدى التحسن وبناءً عليه نقرر استمرار الجلسات أو إيقافها.”
وفيما إذا كان من الممكن أن يتحسن الطفل دون علاج مختص تجيب الأمانة :“نعم، قد يتحسن الطفل بدون تدخل مختص إذا كان التأخر ناتجًا عن عوامل بيئية مثل قلة التفاعل أو الاعتماد على الشاشات. في هذه الحالة بمجرد تعديل البيئة المحيطة بالطفل مثل زيادة التفاعل معه وتقليل وقت الشاشات قد يتحسن بشكل طبيعي ومع ذلك في بعض الحالات يكون التدخل المبكر ضروريًا ويحدده أخصائي التخاطب بناءً على تقييم الحالة.”
رسالة للأهالي.... الوعي هو المفتاح :
تختتم الأمانة محمد الأمين حديثها برسالة توجهها إلى الأهالي قائلة :“التواصل الفعّال مع الطفل منذ الأشهر الأولى هو العامل الأهم في تنمية مهاراته اللغوية والتخاطبية يجب على الأهل أن يكونوا مدركين للعلامات المبكرة لتأخر النطق وألا يترددوا في استشارة المختصين عند الحاجة التدخل المبكر قد يكون الفرق بين التغلب على المشكلة أو استمرارها وتأثيرها على حياة الطفل مستقبلاً.”
من خلال هذا اللقاء يتضح أن اضطرابات التخاطب وتأخر النطق ليست مجرد عقبات بل يمكن التعامل معها بفاعلية عند التشخيص الصحيح والتدخل المناسب الأمانة محمد الأمين مثال ملهم لأخصائية كرست جهودها لمساعدة الأطفال على تخطي هذه الصعوبات مقدمة لهم فرصة لبناء تواصل أفضل ومستقبل أكثر إشراقًا