"خلي بالك من زيزي"... هل أنصف المسلسل اضطراب فرط الحركة أم وقع في فخ التنميط؟

بينما تظل الدراما التلفزيونية واحدة من أقوى الوسائل لطرح القضايا المجتمعية، يبقى السؤال دائمًا: هل تعكس الواقع بإنصاف، أم تقع في فخ التناول السطحي؟ مسلسل "خلي بالك من زيزي" كان واحدًا من الأعمال التي أثارت الجدل، ليس فقط بسبب حبكته الدرامية، بل لأنه فتح الباب أمام الحديث عن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، وهو موضوع نادرًا ما تناولته الدراما العربية. لكن هل نجح المسلسل في تقديم صورة واقعية عن هذا الاضطراب، أم أنه استسهل الطريق وقدم شخصية نمطية لا تعكس التعقيدات الحقيقية للحالة؟


المسلسل، من بطولة أمينة خليل، يحكي قصة زيزي، الشابة التي تعاني من نوبات غضب وانفعالات شديدة تؤثر على حياتها وعلاقاتها، لتكتشف لاحقًا أنها مصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. في البداية، يُحسب للعمل جرأته في تسليط الضوء على قضية نفسية غالبًا ما يُساء فهمها في المجتمع العربي، حيث يُنظر للأشخاص المصابين بـ (ADHD) على أنهم "مشاغبون" أو "عصبيون" بدلًا من فهم أنهم يعانون من حالة طبية تحتاج إلى تشخيص وعلاج.

لكن رغم ذلك، وقع المسلسل في بعض الأخطاء التي قللت من تأثيره الإيجابي.

 أولًا، قدمت شخصية زيزي بطريقة قد توحي بأن اضطراب فرط الحركة يقتصر فقط على الغضب والصراخ والانفعال الزائد، متجاهلًا الجوانب الأخرى مثل صعوبة التركيز، الاندفاعية في اتخاذ القرارات، والتحديات التي يواجهها المصابون في حياتهم اليومية. كان من الممكن أن يتعمق العمل أكثر في تفاصيل التجربة الشخصية للمصابين بالاضطراب، بدلاً من التركيز على الصدامات المتكررة التي جعلت الشخصية تبدو أحيانًا وكأنها مجرد شخصية درامية مضطربة نفسيًا وليست شخصًا يعاني من (ADHD) بشكل حقيقي.

ثانيًا، المسلسل لم يمنح مساحة كافية لعرض رحلة العلاج بشكل واضح. على الرغم من أنه تطرق لفكرة اللجوء إلى العلاج السلوكي، إلا أن الأمر جاء سطحيًا ولم يوضح مدى تعقيد عملية التكيف مع الاضطراب، سواء على مستوى الأدوية أو العلاج النفسي والتعديلات السلوكية المطلوبة.

ثالثًا، رغم أن العمل حاول توجيه رسالة إيجابية حول التقبل والدعم، إلا أن بعض المشاهد قدمت صورة مبالغ فيها عن التفاعلات بين زيزي والمجتمع المحيط بها، مما جعلها تبدو وكأنها تعاني من اضطراب شديد للغاية وليس اضطراب فرط حركة يمكن التعامل معه وإدارته.


"خلي بالك من زيزي" خطوة جريئة نحو كسر التابوهات حول الصحة النفسية في الدراما العربية، لكنه لم يكن خاليًا من العيوب. ففي حين أنه نجح في لفت الانتباه إلى اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، إلا أن معالجته لم تكن دقيقة أو شاملة بما يكفي لتقديم صورة متوازنة عن الحالة. وربما، بدلاً من التركيز على الإثارة الدرامية في شخصية زيزي، كان الأجدر بالعمل أن يعمّق رؤيته نحو تجربة أكثر واقعية، تساعد المشاهدين على فهم الحالة بشكل أعمق بدلًا من ترسيخ صورة نمطية جديدة.
في النهاية، يبقى المسلسل محاولة تستحق التقدير، لكنه أيضًا درس لصنّاع الدراما: التطرق للقضايا النفسية مسؤولية كبيرة، تحتاج إلى بحث دقيق وتناول أكثر عمقًا، حتى لا يتحول التمثيل إلى تسطيح، والتوعية إلى مجرد إثارة درامية