بات اهتمام الدول والمجتمعات بالصحة النفسية مقياسا لمدى تقدمها أو تحضرها، لكون الصحة النفسية حصناً منيعاً للنمو الطبيعي للأطفال، تمكنهم من القدرة على التعامل مع التحديات والمواقف الحياتية المختلفة بطريقة سليمة، وتقودهم نحو الشعور بالأمان والسعادة.
ويؤدي الاهتمام بالصحة النفسية للأطفال إلى استيعاب وفهم الاحتياجات الأساسية لهم، وتوفير بيئة آمنة لنموهم، والتعبير عن مشاعرهم بطرق صحية، ومساعدتهم على كيفية التعامل مع التحديات النفسية، والتواصل المباشر معهم لينموا وهم يتمتعون بصحة نفسية جيدة.
ويواجه الأطفال في بعض المجتمعات العربية تحديات يومية متنوعة تتعلق بصحتهم النفسية مقارنة بالتي يواجهها أقرانهم في الدول المتقدمة، والتي يمكن أن تؤدي إلى القلق، أو حتى الاكتئاب في حال عدم حصولهم على الدعم والتوجيه المناسب، لكون الصحة النفسية ليست مجرد جزء من الرعاية الصحية، بل هي أساس التطور الاجتماعي والعاطفي السليم للأطفال، الذي يجعلهم يحصلون على الدعم النفسي المناسب، ومن ثم يكونون قادرين على التكيّف مع العالم من حولهم، ويصبحون أكثر قوة في مواجهة أي تحديات أو عوائق تعترض طريقهم، وفي مقدمتها الاكتئاب الذي يعد إحدى مراحل الصدمة النفسية، نتيجة القصور في التكيف النفسي والاجتماعي والشعور بفقدان الدور والحزن الشديد وفقدان الأمل واليأس.
ولا ننسى هنا دور البيئة المحيطة بالأطفال في مساعدتهم على التمتع بصحة نفسية جيدة ومتوازنة من عدمها؛ فإذا كان الأطفال يعيشون في بيئة داعمة تشجعهم وتفهم الأساسيات التي يحتاجونها، سيكونون أكثر سعادة واستقراراً من الناحية النفسية، مع عدم إغفال الدور المحوري للأسرة في دعمهم، واستيعاب احتياجاتهم وفهمها، وتوفير بيئة آمنة لنموهم، ومساعدة الآباء والأمهات على تربية وتدريب أطفالهم على كيفية التعامل مع التحديات النفسية والتعبير عن مشاعرهم بطرق صحية، والتواصل المباشر معهم لينموا وهم يتمتعون بصحة نفسية جيدة، وبناء برامج علاجية؛ لتخفيف أثر الضغوط النفسية لدى أولياء أمور الأطفال، وزيادة اهتمام الجهات ذات العلاقة بتقديم خدمات الدعم النفسي والاجتماعي والاقتصادي لأولياء أمورهم.
ويبقى على المرشدين في المدارس والإعلاميين إبراز الجوانب الإيجابية للأطفال والتفاعل مع مشكلات وقضايا الصحة النفسية للأطفال وحث الجهات الداعمة على مساندتهم من خلال برامج النمو والرعاية في سن الطفولة المبكرة، وتقديم فرص تعليمية متكافئة تتناسب واحتياجاتهم، وتمكينهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وإبراز جهود وزارة التعليم والجهات والقطاعات المختلفة في العناية بالأطفال.