التقنية تهدد الرفاه النفسي

لاشك أن الأجهزة التقنية الذكية وإيقاع الحياة السريع في العصر الذي نعيشه، أسبابا رئيسة تهدد الصحة النفسية والرفاه النفسي للأفراد.
وقد بات معظم الأفراد في العصر الحديث أكثر من يواجهون تحديات غير مسبوقة، خصوصا الذين يستخدمون التقنية بإفراط في حياتهم اليومية، ما قد يؤدي إلى زيادة العزلة والتوتر، ويهدد صحتهم ورفاههم النفسي بشكل حتمي دون أدنى شك. 


وفي ظل التطور التقني السريع، باتت الصحة النفسية بأعلى درجاتها المتمثلة في الرفاه النفسي قضية أساسية تفرض نفسها على حياة الأفراد والمجتمعات على حد سواء؛ إذ يعتمد غالبية الأشخاص اليوم على الأجهزة الذكية والتطبيقات الرقمية لإدارة حياتهم اليومية، من العمل إلى الترفيه، غير أن الإفراط في استخدامها يؤدي إلى نتائج عكسية تؤثر في الصحة النفسية، وتستهدف حصن الرفاه النفسي المنيع، من خلال زيادة مشاعر القلق والاكتئاب والتوتر والعزلة، إثر التفاعل الافتراضي المستمر من وراء الشاشات دون تواصل بشري حقيقي وجها لوجه، ينمي التفاعل الاجتماعي، ويعزز من مهارات التخاطب والحوار البناء، ويرفع مستوى الروح المعنوية الإيجابية التي تعتبر العمود الفقري للرفاه النفسي، الذي بدوره يساعد الأفراد على التحكم في مشاعرهم والسيطرة على انفعالاتهم ورغباتهم، وتوجيه سلوكهم الاجتماعي بشكل سليم وصحي بحيث يتعامل هؤلاء الأشخاص الذين يتمتعون بالرفاه النفسي بصورة إيجابية مع التوترات الناتجة عن استخدام التقنية، بل وتجعلهم أكثر قدرة على تحمل المسؤولية وعدم التهرب منها.
ولا يفوتنا هنا التأكيد على أن الاهتمام بالرفاه النفسي يعمل على تنشئة أفراد مستقرين وأسوياء، ويجعل حياة أي فرد خالية من التوترات والاضطرابات والصراعات المستمرة، ما يجعلهم يشعرون بالسعادة والسلام الداخلي مع أنفسهم أولا ومع المجتمع من حولهم.


ويبقى من الضروري على كافة أفراد المجتمع تعلم أساليب واستراتيجيات إدارة التوتر والضغوط النفسية، ما يتطلب وضع حدود للاستخدام المفرط للتقنية والتقنيات الرقمية الذكية، وتخصيص وقت يومي لممارسة رياضة التأمل، وقضاء وقت مع العائلة والأصدقاء بعيداً عن تلك الشاشات والأجهزة، إضافة إلى تناول غذاء صحي متوازن، وتقليل الرغبة في تناول السكريات، ومكافحة الاكتئاب والتوتر من خلال المشي اليومي وممارسة الرياضة بانتظام، والاستحمام بماء دافئ، والاهتمام بالتعليم، باعتبارها سلوكيات تقود إلى تحقيق الرفاه النفسي، وتجعل الأفراد يشعرون بالإنجاز وزيادة ثقتهم بأنفسهم.
وبدورنا ندعو كافة أفراد المجتمع للاهتمام بالصحة النفسية والرفاه النفسي منذ وقت مبكر، والتقليل من احتمالية الإصابة باضطرابات نفسية مستقبلية، بما يؤدي إلى تمكين الأفراد من إدارة القلق والتوتر، وينعكس إيجابا على جودة حياتهم، ويحقق لهم الرفاه النفسي الذي يفتقده كثيرون في العصر الحديث.