حياتك بدون إحتراق : نعيم ام جحيم؟

(الإنجاز بأي ثمن ) أصبح شعار الرحلة للكثير , بحيث أن الجميع يركض بلا توقف يعمل ولكن مع الكثير من الكلل والملل بالإضافة للإحتراق الداخلي الذي قد لايظهر على البعض حتى أنه يكاد يكون جزء من الروتين اليومي ولكن لايمكن إنكاره أو إخفائة لأجل غير مسمى, ماذا لو توقفنا لوهلة وسلطنا الضوء على حياتنا هل يمكن أن ننعم بحياة متوازنة بين الإنتاجية دون إحتراق؟


ثقافة الإحتراق أصبحت عادة متأصلة ومتغلغلة منذ صعود الرأسمالية الحديثة, ترسخ في أذهاننا , أن الراحة فشل بينما النجاح هو مرادف للإرهاق, وللأسف تعزز وسائل التواصل اليوم هذه الفكرة بشدة ,حيث نرى بعض من الشخصيات المؤثرة اليوم تتباهى بكثرة عدد ساعات العمل وكأن الوسيلة الوحيدة للنجاح هيا التلف الداخلي ,لاشك أن ضغط العمل أو الدراسة يؤدي لإحتراق داخلي مؤكد ولاعلاقة لذلك بالإنتاجية على العكس تماما فقد تقل وتسوء بشكل ملحوظ ناهيك عن الأمراض الجسدية والنفسية التي قد يسببها الإرهاق والجهد المفرط .

الإنتاجية ليست مرهونة بعدد ساعات أو بكمية محددة , بل بجودتها أثبتت الأبحاث العلمية أن العمل تحت ضغط هائل يقلل من الإبداع وينتج كوارث وليس نتائج, أما العمل تحت بيئة محفزة ومساعدة واخذ الإستراحة بعين الإعتبار قد يهيئ الفرد ويحفزه على الإنتاجية بجودة لامثيل لها .

هل يمكن الحفاظ على توازن الإنتاج دون إحتراق؟

نعم تحت شروط معينة ستتمكن من الإبداع ,بصحة نفسية سوية .

1- من الضروري أن تضح حدود واضحة , إفصل حياتك الشخصية عن الحياة العملية , لاتخشى قول "لا" لبريد وصلك خارج ساعات دوامك.

2- الإستراحة ليست كسل وإنما هي إستراحة المحارب لتلقيم سلاحه ليستكمل معركته وينتصر بها , استعادة طاقتك ليست مضيعة للوقت وإنما هي إستثمار لجهدك .

3- اعتن بصحتك النفسية والجسدية وإجعلها أولوية,النوم الجيد,التغذية المتوازنة,ممارسة الرياضة ,كل هذه ليست رفاهية بل أساس لحياة متوازنة, لايمكنك أن تكون منتجا إذا كنت مرهق أو محترق .

4- النجاح الحقيقي لايكمن في عدد الإنجازات بل أيضا في عدد المحاولات والتجارب بالإضافة لقدرتك على الإستمتاع أثناء ممارستك لمهنتك أيا كانت .

هنا يكمن النجاح الحقيقي عندما ينجح الفرد على تحقيق سلام داخلي ,وصحة عالية الجودة للتمكن من إنتاج عالي الجودة على عكس مايتم تداوله اليوم والذي بدوره أدى لتهلكة العديد من الأفراد بإعتقادهم الخاطئ ومفاهيمهم المغلوطة للنجاح .


الإحتراق ليس ثمنا ضروريا للنجاح , بل نتجية لمعتقد مغلوط انزرع بداخلنا ,بإمكانك أن تكون الأنجح والأفضل دون فقدانك لهويتك ولذاتك في دوامة من العمل المستمر واللانهائي,وتذكر أن الحياة ليست قائمة مهام يجب تنفيذها وإلا فإنك كسول وفاشل , الحياة هي تجربة من المفترض أن تكون هينة لينة ,ومليئة بالراحة لامانع من وجود عقبة أو عقبتين وليس أكثر من ذلك ,كل ماعليك هو ترتيب الأولويات وتنظيمها وبذلك تنعم بحياة متوازنة صحية لاتشكل خطر على ذاتك أو تحرقك داخليا , هذا ما نتبعه كمسلمين فجسدنا أمانه نحاسب عليها .